والحديث اليوم عن ضرورة قراءة القرآن كل يوم.
أولاً: ينبغي أن تقرأ القرآن الكريم كل يوم لئلا تنطبق الآية التالية عليك:
﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(30) ﴾
(سورة الفرقان)
قراءته كل يوم من أجل ألا تنطبق الآية على المؤمن.
القرآن الكريم أحد أكبر أسباب تثبيت الإيمان في قلب المؤمن:
ولكن هذا القرآن أشير إليه في قوله تعالى:
﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ (27) ﴾
( سورة إبراهيم)
والقرآن هو القول الثابت، وهو أحد أكبر أسباب تثبيت الإيمان في قلب المؤمن، أضرب أمثلة: الإنسان أحياناً يذهب إلى بلد غربي يرى غنى، بحبوحة، بلاد جميلة، فسق بلا حدود، فجور بلا حدود، كفر بلا حدود، إباحية بلا حدود، نظام، قوة، يقع في تساؤل هؤلاء عصاة لماذا هكذا دنياهم ؟ هذه شبهة، يفتح القرآن الكريم يقرأ قوله تعالى:
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) ﴾
( سورة الأنعام الآية: 44 )
فيطمئن، القرآن الكريم أعطى تفسيراً للكافر الذي تجاهل هذا الدين، وانكب على الدنيا فملكها، وهذه الدنيا عرض زائل، يأكل منه البر والفاجر.
إذاً بهذه الآية تتوازن.
القرآن الكريم يثبت إيمان الإنسان و يلقي في قلبه الطمأنينة:
أحياناً يرى طغاة يحتلون، وينتهكون الأعراض، وينهبون الثروات، يفتح القرآن الكريم:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾
( سورة إبراهيم )
ترتاح أعصابك، يثبت إيمانك، يستقر جنانك، أحياناً إنسان يوهم الناس أنه صالح يخدعهم، تفتح القرآن الكريم:
﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾
( سورة العنكبوت )
إذاً هذا الإنسان الذي يوهم الناس أنه إنسان صالح لا بدّ من امتحان صعب من قِبل الله عز وجل.
أحياناً يرى إنساناً مؤمناً ضعيفاً وإنساناً غير مؤمن قوياً، يرى إنساناً فقيراً مؤمناً وإنساناً غنياً غير مؤمن، يرى إنساناً مؤمناً حياته خشنة، يرى إنساناً كافراً حياته ناعمة، يفتح القرآن الكريم:
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
( سورة الجاثية )
هذه الآية تلقي في قلبه الطمأنينة.
عدل الله المطلق في الدنيا و الآخرة:
يفتح القرآن الكريم:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
( سورة السجدة )
يفتح القرآن الكريم:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
( سورة السجدة )
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(36) ﴾
( سورة القلم )
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾
( سورة القصص )
ترتاح أعصابه يرى عدل الله المطلق، يرى أن هذه الدنيا عرض زائل، يأكل منه البر والفاجر، والآخرة وعد صادق يحكم فيه ملك عادل.
اتباع هدى الله عز وجل يبعد العقل عن الضلال و النفس عن الشقاء:
يفتح القرآن الكريم يقرأ قوله تعالى:
﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾
( سورة طه )
لا يضل عقله ولا تشقى نفسه:
﴿ فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
( سورة البقرة )
أي لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه، ولا يندم على ما فات، ولا يخشى مما هو آت، يفتح القرآن الكريم:
﴿ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) ﴾
( سورة فصلت )
خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط:
صدقوا أيها الأخوة الكرام، كما قال الله عز وجل:
﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ (27) ﴾
( سورة إبراهيم)
الآن يفتح القرآن الكريم، يقرأ قوله تعالى:
﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ (120) ﴾
( سورة هود الآية: 120 )
القلب يزداد ثبوتاً بقراءة القرآن الكريم لماذا ؟ يحدثنا عن فرعون، وكيف انتهى مصيره إلى الغرق، هذا الطاغية العظيم، حينما أدركه الغرق قال:
﴿ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) ﴾
( سورة يونس الآية: 90 )
معنى ذلك أن خيار الإيمان خيار وقت، هذا أكفر كفار الأرض الذي قال:
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾
( سورة النازعات)
آمن، معنى ذلك أن خيار الإنسان مع الإيمان لا خيار قبول أو رفض، خيار وقت فقط.
الاطمئنان لعدل الله في مصير المؤمن وغير المؤمن:
يفتح القرآن الكريم يقرأ قوله تعالى:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) ﴾
( سورة الحاقة )
والله شيء جميل إنسان عبد الله في الدنيا، ضبط نفسه، ضبط شهواته، ضبط بيته، ابتغى وجه الله، أنفق من ماله، طلب العلم، جلس على ركبتيه في المسجد، أتى من مكان بعيد:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) ﴾
( سورة الحاقة )
وهؤلاء العتاة، الفجار، العصاة، المشركون:
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) ﴾
( سورة الحاقة )
يطمئن لعدل الله، و لمصير المؤمن ولمصير غير المؤمن.
فوائد قراءة القرآن الكريم:
1 – تشعر الإنسان بالثقة و بأن الله لن يتخلى عنه:
يقرأ قوله تعالى عن سيدنا يونس الذي دخل في بطن الحوت:
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
( سورة الأنبياء )
قانون، مهما تكن المشكلة التي تعاني منها ليست في مستوى أن تجد نفسك فجأة في بطن الحوت، في ظلمة بطن الحوت، وفي ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر:
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) ﴾
تطمئن.
تقرأ قوله تعالى:
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾
( سورة الشعراء )
فرعون بجبروته، بأسلحته، بقوته، بحقده، بطغيانه خلفهم والبحر أمامهم:
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) ﴾
( سورة الشعراء )
2 ـ تلقي في قلب المؤمن السكينة:
تقرأ عن الأنبياء الذين عانوا ما عانوا، وواجهوا الصعوبات، وتحملوا المشقات، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( لقد أُخِفْتُ في الله ما لم يُخَفْ أَحدٌ، وأُوذِيت في الله ما لم يُؤذَ أحد، ولقد أتى عليَّ ثلاثون من يوم وليلة، ومالي ولبلال طعامٌ إِلا شيء يُواريه إِبطُ بلال ))
[أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك ].
من أنت أمام النبي عليه الصلاة والسلام ؟ الذي أريد أن أؤكده لكم أن قراءة القرآن الكريم كل يوم تلقي في قلب المؤمن السكينة، يتوازن، يطمئن، يتفاءل، يرى فضل الله عليه، يرى نعمة الإيمان، يرى نعمة هذا القرآن، فيا أيها الأخوة الكرام، لئلا تنطبق علينا الآية الكريمة:
﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(30) ﴾
(سورة الفرقان)
ومن أجل أن تنطبق علينا الآية الكريمة:
﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ (102) ﴾
( سورة النحل الآية: 102 )
دقق:
﴿ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ(102) ﴾
( سورة النحل الآية: 102 )
3 ـ تبعد الإنسان عن جميع الشبهات التي تتوارد إلى خاطره:
إن قرأت القرآن جميع الشبهات التي تتوارد إلى خاطرك يجلوها القرآن الكريم، لأن الله عز وجل قال:
﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ (69) ﴾
( سورة النحل )
الشفاء يقابل المرض، معنى ذلك الإنسان من الشبهات يمرض، من الشهوات يبرأ، أما حينما يقرأ القرآن تنجلي الأمور.
يقرأ قصص الأنبياء، ألقي إبراهيم في النار:
﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾
( سورة الأنبياء )
يقرأ في القرآن الكريم:
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾
( سورة آل عمران الآية: 123 )
الله هو الناصر، النصر بيده، ولما قال أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام في حنين لن نغلب من قلة:
﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
( سورة التوبة )
صدقوا أيها الأخوة الكرام، فيه شفاء للناس.
منتـــــــــــــــــــــــدى كـــوكــــب الــصــدـآقــــــــــــة